الأحد، 20 أكتوبر 2013

النظام العراقي والنظام الايراني يتقدمون الى الفشل بخطى ثابته

للعراق وإيران أهمية إقتصادية كبرى على مستوى العالم والشرق الأوسط. فكلاهما دولة بترولية ضخمة. يدر النفط عليهما بعشرات المليارات من الدولارات سنويا. علاوة على الموقع الجغراقي المهم كرابط بين الشرق والغرب، ووجود الممرات المائية لأغراض الملاحة التجارية، وتوفر المواد الأولية المختلفة التي تشكل قاعدة لبناء هرم صناعي كبير. ووفرة المياه وتنوع مصادرها، والمساحة الجيدة من الأرض القابلة للزراعة التي تسمح بتوسع نطاق الإنتاج الزراعي بما يسد الحاجة المحلية وتصدير الفائض. فمضيق هرمز على سبيل المثال يعتبر من الممرات المائية المهمة في العالم من حيث حركة السفن وحجم تجارة النفط المار من خلاله الذي يصل الى نسبة 40% من النفط العالمي، و90% من صادرات نفط الخليج، وحوالي 50% من حجم تجارة المنطقة مع العالم. كما إنه نقطة وصل بين الخليج العربي وخليج عمان والبحر العربي والمحيط الهندي. ويعتبر منفذا بحريا لخمس دول عربية خليجية لا تمتلك غيره لتصدير نفطها(العراق، الكويت، قطر، الامارات والبحرين).
عندما تتوفر هذه الإمكانات المادية والبشرية بهذا الشكل، فإنها تبشر بنهضة صناعية وزراعية وتجارية كبيرة. سيما إن الواردات النفطية تسمح ببناء رأس مال وطني يكفي الدولة شرور الإستثمارات الأجنبية، ووصايا المؤسسات المالية والنقدية المشبوهة كصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير وغيرها. ويقِ الدولة من فخ القروض الأجنبية والفوائد الباهظة الناجمة عنها.
إن هذه المؤشرات الإيجابية لأي دولة وفق المعايير الدولية، تعني إن تلك الدولة خرجت من دائرة الدول النامية واصبحت داخل أو على عتبة الدول المتطورة. أي في طريق التنمية السريعة، وبالتالي فإن شعبها محظوط من كل الأوجه كما يفترض! فقوة الدخل القومي والناتج القومي ينعكسان على متوسط دخل الفرد الذي لابد أن يتناسب الأخير مع الإثنين. والمليارات الواردة والقوة الإقتصادية لابد أن تنعكس بشكل مباشر على رخاء ورفاهية الشعب بأجمعه. هكذا يقول منطق الإقتصاد. وهذا ما نشهده في الدول الأوربية والآسوية ذات المداخيل الكبيرة.
فمستوى الدخل القومي والناتج القومي يتناسبان مع مستوى التقدم الرفاهية، ويعملان بطريقة الأواني المستطرقة، أي يتناسبان طرديا. وفي حال وجود تخلخل في المعادلة ما بين قوة الإقتصاد من جهة ورفاهية الشعب من جهة أخرى، فإن هذه الحالة تعني وجود كارثة وطنية، وليس خللا في إداء المؤسسات الحكومية فحسب. ولتبسيط الصورة. إذا إفترضنا إن دخل أسرة من أربعة أشخاص (4000) دولار شهريا. وأن أجور السكن والخدمات(1000)دولار شهريا. وتكلفة الأكل الشرب والملابس(1500) دولار، على إفتراض إن مستوى السكن والمعيشة جيدة جدا للأسرة. ويخصص للخدمات الطارئة(500) دولار. فإن الأسرة يمكنها أن توفر شهريا ليس ما لا يقل عن(1000) دولار شهريا. أي 1/4 الدخل شهريا.
لكن عندما تجد إن أفراد الأسرة حفاة، ويلبسون ملابس رثة ويأكلون أكلا بسيطا، ويعيشون في كوخ أو بيت من الصفيح، ويضطرون أحيانا للأكل من حاويات القمامة، فإي واحد منا سُيصطدم من هول المفاجأة. ولا يمكن أن نصف تلك الحالة بأنها خلل في إدارة البيت، أو في ميزانية الأسرة أو سوء تصرف الأسرة فقط. إنها جميع هذه المؤشرات وأكثر منها. 
ربما يعتقد البعض إن في هذا الإفتراض فيه مبالغة. لكننا ستثبت له إنها حالة حقيقية وليس من ضرب الخيال. وليس على مستوى الأسرة فقط! بل على مستوى مجتمع كامل، أو بالأحرى على مستوى دول. ولدينا نموذجان واقعيان هما العراق وإيران. ومن المؤسف حقا  أن من يحكمهما أحزاب إسلامية كما تدعي، والإسلام أوجب التكافل الإجتماعي والمساواة العدالة ومحاربة الفقر والجوع والجهل والظلم، وليس ترسيخ هذه السلبيات.
الواردات النفطية الإيرانية كبيرة جدا، ويشكل النفط اكثر من 90% من صادراتها، ورغم أن إقتصادها مثل العراق أحادي الجانب ولكن لها مصادر أخرى للدخل. فهي ثاني دولة بعد روسيا من حيث صادراتها من الغاز. وثاني دولة في منظمة الأوبك في تصدير النفط. وقد اشارت(مجلة الإيكونومست) فی تقاریر لها بأن" إجمالی  الناتج المحلی فی إیران کان 478 ملیاراً و 400 ملیون دولار فی العام الماضی. وسيیصل هذا الرقم إلى  553 ملیاراً و 600 ملیون دولار فی العام الحالی 2013. مسجلا نمواً بقیمة 65 ملیاراً و 100 ملیون دولار". وإجمالي قيمة الإستثمارات مليار و230 مليون دولار فقد صدرت إيران ما قيمته 59.55 مليار دولار من النفط والمنتجات النفطية والغاز الطبيعي والغاز عام 2010 ،وبلغت الصادرات غير النفطية 19 مليار دولار. وأن معدل قیمة الإستثمارات الأجنبیة المباشرة فی إیران حوالي ملیاری دولار لغاية عام2013. وبلغت الميزانية العامة لنفس الفترة(347) مليار دولار ـ بإعتبار سعر النفط 60 دولار للبرميل الواحد ـ بالتأكيد تعكس هذه الإحصائيات واردات ضخمة لا تتوفر في بعض الدول الأوربية نفسها، مع الأخذ بنظر الإعتبار ان سعر برميل النفط يزيد عن100 دولار للبرميل الواحد.
لكن هل هذه الاحصائيات تعكس الواقع الفعلي لمدى رفاهية ورخاء الشعب الإيراني؟ وهل يحصل المواطن  الإيراني على حصة معقولة ومقبولة من ثروات بلده الهائلة؟
تشير المعلومات المستقاة من مركز الإحصاء الايرانى بأن(47) مليون من مجموع(70) مليون إيراني لا يتجاوز دخلهم اليومي(4) دولارات. وذكرت وزارة الإحصاء الإيرانية بأن في إيران(10) مليون فرد يعيشون تحت خط  الفقر المطلق، و(30) مليون مواطن يعيشون تحت خط الفقر النسبي. وتحتل إيران المرتبة الأولى في فقر شعبها من بين 19 بلد في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للعامين الحالي والماضي على التوالي. وتصل نسبة الفقر حسب معلومات إحصائية إلى 50%. وبلغ مستوى  التردي في مستوى المعيشة سيما بعد الحصار الذي فرض على النظام بسبب عناده النووي بما لا يقل عن 20% سنويا. ويعاني 58% من الشعب الإيراني من أمراض نفسية كالقلق والإحباط والحزن والتوتر والكآبة مما أنعكس على زيادة حالات الأنتحار والإدمان على المخدرات سيما بين الشباب. تبلغ نسبة التضخم في ايران (40%) وفي بعض القطاعات أكثر، وهذا ما صرح به الرئيس حسن روحاني بأن بلاده تواجه أعلى معدل للتضخم في المنطقة وربما في العالم بأسره، مشيراً في كلمته التي ألقاها أمام نواب البرلمان الإيراني إلى فشل السياسات الاقتصادية للرئيس الإيراني المنتهية ولايته محمود أحمدي نجاد بقوله"التضخم الحالي في البلاد وصل إلى 42%.". وأن نسبة البطالة(27%) من مجمل القوى القادرة على العمل(بطالة مطلقة) ويضاف لها نسبة تقدر بحوالي 34% مما يسمى (البطالة الجزئية). 
بلغت الديون الخارجية(20.5) مليار دولار. كما أن سعر العملة يشهد تدهورا كبيرا، ومن المعروف إن العملة الإيرانية على وشك الانهيار بسبب الحصار المفروض على البلاد، حيث فقدت حوالي 30% من قيمتها في نهاية فترة رئاسة أحمدي نجاد الثانية حسب الإحصائيات الرسمية التي قدمها البنك المركزي الإيراني وهي في هبوط مستمر، وقد اعترف النظام الايراني بهذه الحقيقة! من جهة أخرى تبلغ نسبة الأمية في إيران 48٪ من عدد السكان، فهي بين الذكور 37.7٪، وبين النساء نحو 61٪( راجع موسوعة المعرفة/ايران).
فيما يتعلق بالعراق فقد جاء في المرتبة السادسة لأغنى الدول العربية من حيث اجمالي الدخل والناتج القومي بحسب دراسة بحثية اعدها مركز الابحاث المتخصص (ANEKI)حيث بلغت الواردات لخزينة الدولة (113.9) مليار دولار للعام الحالي 2013. وأشار تقرير للجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات بوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية إلى أن حصة الفرد العراقي من هذه المليارات(1272) دولارا سنويا فقط، أي(106) دولار في الشهر!
وسنقدم احصائيات سريعة عن الوضعين الإقتصادي والإجتماعي للشعب العراقي دون الإعتماد على أحصائيات الحكومة العراقية لأنها تكذب في كل شيء. مثلا تشير وزارة التخطيط مثلا بأن نسبة البطالة المطلقة(15%) والمقنعة(30%). في حين يؤكد البنك الدولي بأن نسبة البطالة المطلقة حوالي 39% بين الشباب ضمن الفشة العمرية 15-29 عاماً. ونسبة البطالة بين النساء 33%. ويعتبر الإقتصاد العراقي الاكثر تضخما في الاسعار من بين (22) دولة عربية، حيث يبلغ معدله(64.8 %) وفقا لاحصائية عام 2006 الصادرة من قسم الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابع لمنظمة الامم المتحدة.
وحول إنتشار الأمية أكدت وزارة التخطيط العراقية وجود أكثر من(8) ملايين عراقي لا يعرفون القراءة والكتابة، أي حوالي 27% من السكان، وسبق أن أعلن عضو هيئة الأمناء في المركز العراقي للإصلاح الاقتصادي كمال البصري بأن نسبة الأمية تصل إلى 28% من إجمالي عدد السكان في الفئة العمرية 10 سنوات فأكثر.
وحول خط الفقر تشير الإحصائيات بأن(35%) من الشعب العراقي يعيشون تحت خط الفقر. في حين أشار تقرير للجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات بوزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية إلى أن 23%  من سكان العراق يعيشون في دائرة الفقر، وأن هذه النسبة تزداد في الريف العراقي أكثر مما هي عليه في المدن. لوجود أكثر من(7) مليون فقير معدم، فقد إنتشرت ظاهرة التسول في أغنى بلد في العالم! ودعت الأمانة العامة لمجلس الوزراء إلى القضاء على ظاهرت التسول في  بيان لها يوم 14تموز العام الحالي جاء فيه" أمانة مجلس الوزراء تؤكد على ضرورة وضع ضوابط قانونية للقضاء على ظاهرة التسول تتضمن معالجة الأسباب"! لا تعليق.
وحول الفساد المالي والإداري أدرجت منظمة الشفافية العالمية العراق ضمن اسوأ دول العالم في الفساد المالي حيث جاء تسلسله في المرتبة (175) من اصل (179) دولة بسبب انتشار الفساد في مؤسساته. وكانت هيئة النزاهة قد كشفت في تقريرها السنوي، للعام عن انخفاض قيمة قضايا الفساد في البلاد من نحو ثلاثة ترليونات دينار عراقي خلال العام 2011 الى نحو 133 مليار دينار خلال العام2012. فهنيئا للشعب العراقي بهذا الإنجاز الرائع! ويتساءل مجلس الوزراء عن أسباب تفاقم ظاهرة التسول! 
كما أصدرت منظمة الشفافية الدولية تقريرا شاملا عن مؤشرات الفساد، وجاء ترتيب البلدين في مؤشرات الفساد عام 2008 كما يلي، العراق في المرتية(171) وإيران في المرتبة(141). وفي مجال الدفاع ذكر التقرير بأن العراق وإيران يمتلكان عدداً قليلاً من الضوابط المعمول بها لمنع الفساد في تمويل قطاع الدفاع والأمن، ولا يقدمان معلومات رسمية عن النسبة المئوية من الميزانية الوطنية التي يتم إنفاقها على البنود السرية، ويمتنعان عن تزويد الهيئات التشريعية بأية معلومات. ونشاط هذه المجموعة ويرمز لها (هـ) محدوداً للغاية مكافحة الفساد، وإنفاذ الضوابط القائمة لمكافحة الفساد السياسي.
وهناك تشابه كبير في سياسة الدولتين في قمع المعارضة الوطنية، وختق الحريات الأساسية وإنتهاك حقوق الإنسان، وتهميش الأقليات الأثنية والمذهبية، وتغليب الولاء الطائفي على الولاء الوطني، وكثرة عدد اللاجئين في دول العالم، وإنتشار الرذيلة والأيدز وتعاطي المخدرات وظاهرة الإغتيالات. كما يتصدر البلدان بعد الصين المرتبة الثانية والثالثة في إعدام مواطنيهم. وفي تقرير الصندوق من اجل السلام ومجلة السياسة الخارجية الامريكية (foreign policy) جاء العراق في المرتبة(11)  ضمن مؤشر الدولة الفاشلة للعام 2013 بل إن دولا مثل أثيوبيا واريتريا وجيبوتي هي أفضل من العراق في مؤشرات الفشل!
المصيبة إن نظام الملالي يعتقد نفسه بأنه نظام نموذجي متقدم، وعلى هذا الأساس الركيك يصدر ثورته الفاشلة لبقية دول العالم وينصح دول أخرى للإقتداء بتجربته! والنظام العراقي الخبل يُخيل له بأن ثورات الربيع العربي إنطلقت من أحضان تجربته الديمقراطية الفاشلة. وينصح الأنظمة الحاكمة للإقتداء بها! والأنكى من هذه وذاك هناك من العرب والعراقيين ممن يدافع عن النظامين الإجراميين بكل وقاحة وقباحة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق